أوقـاتُ الحجَـامة
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عدَّةٌ من الأحاديث،تفيدُ حصر فعل الحجامة في أوقات معينة بالنسبة لأيام الأسبوع،وكذلك لأيام الشهر،وأيضاً تحذر وتمنع من فعل الحجامة في أيام معينة،وهذه الأحاديث كثير منها لا يصح ثبـوت سندها إلى رسـول الله صلى الله عنه و سلم ،فسأذكر-بمشيئة الله- بعضاً من هذه الأحاديث المنتَقَدَةِ عند أهل الحديث-رحمهم الله-ثم أذكر ما صح ثبوتُه عن النبي صلى الله عنه و سلم ،وإنْ كان التصحيح هنا مما اختلف فيه اجتهاد النقاد والحفاظ من أهل صِنَاعة الحديث،إلاَّ أنني اخترت ما قرَّرَ ثبوته وصحته أئمتُهم وكبراؤهم –رحمهم الله - . فأقول:
الأحاديث الضعيفة،والموضوعة،بالنسبة لأيام الأسبوع :
1-(( الحجامة يوم الأحد شفاء)) .
الحديث: ضعيف جداً.انظر: ضعيف الجامع
رقم:2759) .
2-((الحجامة يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر،دواء لداء السنة )) .
الحديث:موضوع.انظر: ضعيف الجامع
رقم:2759) .
3-((من احتجم يوم الأربعاء، أو يوم السبت،فرأى في جسده وضحاً،فلا يلومنَّ إلاَّ نفسه ))
الحديث:ضعيف.انظر: السلسلة الضعيفة
رقم:1408و1524و1672).
4-((من احتجم يوم الخميس،فمرض فيه،مات فيه )) .
الحديث: منكر جداً.انظر السلسلة الضعيفة
رقم:1409) .
5- عن أبي بكرة-رضي الله عنه-أنه كان ينهى أهله عن الحجامة يوم الثلاثاء،ويزعم عن رسول الله صلى الله عنه و سلم ((أنَّ يـوم الثلاثاء يوم الدم،وفيه ساعـة لا يرقأ فيه الدم)).
الحديث:ضعيف.انظر:ضعيف الترغيب:(2/379) .
6-(( إنَّ في الجمعة ساعة لا يحتجم فيها محتجم إلاَّ عرض له داء لا يشفى منه)).
الحديث:ضعيف.انظر:السلسلة الضعيفة: (رقم:1411).
7-((إنَّ في الجمعة لساعة لا يحتجم فيها أحد إلاَّ مات )) .
الحديث:موضوع.انظر:السلسلة: (رقم:1412) .
الأحاديث المتقدمة:كلاًّ،أو بعضاً،قد حكم عليها جملة من الحفاظ بعدم الثبوت.
قال الإمام النووي-رحمه الله- في المجموع شرح المهذب(9/58)
والحاصل أنه لم يثبت شيءٌ في النهي عن الحجامة في يوم معين ، والله سبحانه وتعالى أعلم ).
وقال غير واحد من أئمة الحديث مثل ذلك، ويُنظر إطلاعاً على أقوالهم :كتب الضعاف والموضوعات (1) .
ـــــــــــــــــ
1-وانظر- أيضاً -:التمهيد، لابن عبد البر:(24/350)وفتح الباري:(10/149)وعون المعبود: (10/241) وتحفة الاحوذي:(6/174-175)ونيل الأوطار:(9/98) والإنصاف، للمر داوي:(1/82)وكفاية الطالب،لأبي الحسن المالكي:(2/641) وخاتمة سفر السعادة،للفيروز آبادي:(264)والتحديث بما قيل لا يصح فيه حديث،للعلامة بكر أبو زيد:(334)
فـائــدة :
كره الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله-:الاحتجام يوم السبت،ويوم الأربعاء،وقال
بلغني عن رجل أنه تنور واحتجم،يعني:يوم الأربعاء،فأصابه البرص فقلت له:كأنه تهاون بالحديث،قال:نعم )
قال ابن مفلح في الفروع من كتب الحنابلة-رحمهم الله- (1/109)وعنه المر داوي،في الإنصاف(1/127)والبهوتي،في كشَّاف القناع(1/82)
كره أحمد الحجامة يوم السبت،ويوم الأربعاء،نقله:حرب،وأبو طالب،وعنه الوقف في يوم الجمعة،وفيه خبر متكلمٌ فيه … والمراد بلا حاجة!!قال حنبل:كان أبو عبد الله يحتجم أيَّ وقت هاج به الدم،وأيَّ ساعة كانت،ذكره الخلال)(1) .
فعلم مما تقدم: أنَّ الكراهة عند الإمام أحمد-رحمه الله- إن فعلت في هذه الأيام بغير حاجة.أمَّا إن فعلها لحاجة فلا كراهة .
وعليه:إنْ ترك المسلم الإحتجام في هذه الأيام توقياً،فله ذلك،خاصةً وأن بعض أهل العلم يُثبت نسبةَ بعض هذه الأحاديث إلى رسول الله صلى الله عنه و سلم كما سيأتي.
وإن فعل الإحتجام لغير حاجة،لعلة عدم صحة الوارد في النـهي عن الإحتجام في هذه الأيام،فله ذلك.
ــــــــــــــــ
1-انظر: التمهيد:(24/350)وفتح الباري:(10/149)والطب النبوي،لابن القيم
ص74)والآداب الشرعية ،لابن مفلح .وفيض القدير:(6/35) .
جاء في كفاية الطالب(2/641)لأبي الحســن المالكي،من كتب المالكية -رحمهم الله -
والحجامة:حسنة،أي مستحبة في كل أيام اللسنة.وقال ابن رشد:ولصحة إيمان مالك بالقدر،كان لا يكره الحجامة،ولا شيئاً من الأشياء يوم السبت،والأربعاء،بل يتعمد ذلك فيهما ).
الأحاديث الصحيحة بالنسبة لأيام الأسبوع :
عن نافع،أنَّ ابن عمر-رضي الله عنهما-قال له:يا نافع تبيغ بي الدم فالتمس لي حجاماً،واجعله رفيقاً إن استطعت،ولا تجعله شيخاً كبيراً،ولا صبياً صغيراً،فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
( الحجامةُ على الريق أمثلُ،وفيها شفاء وبركة،وتزيد في العقل والحفظ ، واحتجموا على بركة الله يوم الخميس،واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت والأحد تحريَّاً،واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء؛فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب،وضربه بالبلاء يوم الأربعاء،فإنه لا يبدو جُذامٌ ولا بَرَصٌ إلاَّ يوم الأربعاء،وليلة الأربعاء )) . رواه ابن ماجة في السنن ، وغيره .
الحديث:حَسَّنَهُ بمجموع طرقه الإمام الألباني-رحمه الله-في السلسلة الصحيحة: (رقم:766)وفي صحيح الترغيب(3/354) قال: حسن لغيره .
الأحاديث الضعيفة،والموضوعة بالنسبة لأيام الشهر :
1-((احتجموا لخمس عشرة،أو لسبع عشرة،أو لتسع عشرة،أو إحدى وعشرين،لا يتبيغ بكم الدم فيقتلكم )) .
الحديث:ضعيف.انظر:السلسلة الضعيفة
رقم:1863) .
تنبيه: قد صح الحديث من فعل النبي عليه الصلاة و السلام دون قوله
لا يتبيغ ).
وصح من قوله عليه الصلاة و السلام نحوه –كما سيأتي- دون
التبيغ) .
وليس في الثابت عنه صلى الله عليه و سلم في هذه الأحاديث لفظ
لخمس عشرة )!! .
أمَّا لفظ
التبيغ)فهو ثابت عنه صلى الله عليه و سلم بلفظ: (( إذا هاج بأحدكم الدم فليحتجم،فإن الدم إذا تبيغ بصاحبه يقتله )) .
تقدم ذكـره ، وسيأتي شرحه في موضعه – إن شاء لله - .
2-((من أراد الحجامة فليتحر سبع عشرة،أو تسع عشرة،أو إحدى وعشرين،ولا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله )) .
الحديث: ضعيف جداً.انظر :السلسلة الضعيفة
رقم:1864) .
والكلام عليه: فقهاً واصطلاحاً كسابقه ! .
3-((الحجامة يوم الثلاثاء لسبعَ عشرةَ مَضَتْ من الشهرِ دواء السَّنَة )) .
الحديث:موضوع،روي من حديث معقل بن يسار-رضي الله عنه-،وروي نحوه من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-ولا يصح –أيضاً-انظر:السلسلة
رقم:1799)وضعيف الترغيب:(3/379) .
هذا الحديث:فيه ذِكْرُ اليومِ من الأسبوع حاصراً فعلَ الحجامة بيوم من الشهر،فاجتمع نسبة اليوم من الأسبوع،واليوم من الشهر،ولذلك ذكرته هنا .
الأحـاديث الصحـيحة بالنسبة لأيام الشهر :
1-(( إنَّ خيرَ ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة،ويوم تسع عشرة،ويوم إحدى وعشـرين ))
الحديث:صحيح لغيره.انظر:صحيح الترغيب: (3/352) .
2-(( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحتجم في الأخدعين والكاهل،وكان يحتجمُ لسبع عشرة ،وتسع عشرة،وإحدى وعشرين )) .
الحديث: حَسَنٌ .انظر:السلسلة الصحيحة: (رقم:908)صحيح الترغيب: (3/353) .
3-((من احتجم لسبع عشرة،وتسع عشرة،وإحدى وعشرين كان شفـاءً من كلِّ داءٍ )) .
الحديث:حَسَنٌ . انظر: صحيح الترغيب: (3/353) .
فـصـلٌ:
تحديد فعل الحجامة بالنسبة لليوم من الأسبوع،أو الشهر:إنما هو عند عدم الحاجة إلى الحجامة،وذلك: أن الحجامة تنقسم إلى قسمين:
أ-القسم الأول:ضروري . ب-القسم الثاني:اختياري
فالاختياري:الأفضل فيه أن يكون موافقاً للأيام المذكورة في هذه الأحاديث .
والضروري:يُفعلُ متى وجد الاحتياجُ إليه .
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله – في الطب النبوي (ص45-46): (وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء :أن الحجامة في النصف الثاني،-وما يليه من الربع الثالث من أرباعه- أنفع من أوله وآخره ،وإذا استعملت عند الحاجة إليها نفعت أيَّ وقت كان: من أول الشهر وآخره .
قال الخلال: أخبرني عصمة بن عاصم،قال: حدثنا حنبل،قال: كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل يحتجم أيَّ وقت هاج به الدم،وأيَّ ساعة كانت …- إلى أن قال الإمام ابن القيم-:واختيار هذه الأوقات للحجامة:فيما إذا كانت على سبيل الاحتياط والتحرز من الأذى،وحفظاً للصحة .وأمَّا في مداواة الأمراض:فحيثما وجد الاحتياج إليها،وجب استعمالها )) .
وقال موفق الدين البغدادي-رحمه الله -في الطب من الكتاب والسنة
ص47): (هذا النهي- أي في الأيام المنهي عن الاحتجام فيها-كله إذا احتجم حال الصحة،أمَّا وقت المرض،وعند الضرورة،فعندها سواء كان سبع عشرة،أو عشرين)(1) .
ــــــــــــــــ
1- وانظر:فتح الباري: (10/149)وفيض القدير:(1/181)وتحفة الأحوذي:(6/175).
__________________
___________________
[size=12][size=21]الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في سطور
[/size][/size]إن العين لتدمع و إن القلب ليحزنو إن على فراقك يا شيخنا بكر أبو زيد لمحزونون
ــــــــــــــــــــــــــــ
لا تنسو إخوانكم في غزة
انصروهم و لو بدعائكم[size=12]
[size=21]حسبنا الله ونعم الوكيـــل
[/size][/size]ــــــــــــــــــــــــــــ
" وما يعزب عن ربك مثقال ذرة في الأرض و لا في السماء و لا أصغر من ذلك و لا أكبر إلا في كتاب مبين "
ــــــــ
القرآن بجودة عالية
موقع الذكر الحكيم
قيل لسعيد بن جبير رحمه الله
ما علامة الساعة و هلاك الناس ؟
قال إذا ذهب علماؤهم