كفى بالحجامةِ فضلاً وفائدةً:قولُ نبيِّ الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم والذي زَكَّاهُ،وأثنى عليه ربُّه في كتابه الكريم،فقال جلَّ وعلا: )والنَّجمِ إذا هوى`ما ضلَّ صاحبُكم وما غَوى` وما ينطق عن الهوى`إنْ هو إلاَّ وحيٌ يُوحَى (سورة النجم:آية:1-4 .
فقد ثبت عنه صلى الله عليه و سلم في صحيح الأخبار-كما تقدم-أنه قال: (( إنْ كان في شيءٍ من أدويتكم خيرٌ،ففي شَرطةِ محجمٍ،أو شربةِ عسلٍ، أو لذعةٍ بنارٍ تُوافقُ الداءَ،وما أحب أنْ أكتوي )) .
وثبت في المسند، وسننِ أبي داود،وابن ماجة،ومستدرك الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه و سلم قال : ((إنْ كان في شيءٍ مما تداويتم به خيرٌ فالحجامة )) .
وأخرج البخاري في الصحيح، وابن ماجة في السنن، وأحمد في المسند عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (( الشِّفاءُ في ثلاثةٍ : شربةِ عسلٍ ، وشَرْطةِ محجمٍ ، وكيَّةِ نارٍ، وأنهى أمتي عن الكيِّ )) .
وفي الصحيحين من طريق حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه : أنه سُئلَ عن أُجرةِ الحجَّام،فقال : احتجم رسول الله صلى الله عليه و سلم حجمه أبو طيبة، وأعطاه صاعين من طعام ، وكلم مواليه فخففوا عنه، وقال : صلى الله عليه و سلم (( إنَّ أَمْثلَ ما تداويتم به الحجامة ، والقسط البحري )) .
فهذه الأحاديث:حُجَّةٌ مُسلَّمَةُ الثبوتِ لا نقاشَ فيها،كيف لا،ونبينا تحثه ملائكة الرحمن-حين أُسْرِيَ به- على استعمال الحجامة،بل وتأمره عليه الصلاة والسلام :أن يأمر أمته بالحجامة؟! .
للمُصطفى في السَماءِ قالَتْ مَلائِكَةٌ مُرْ بِالحِجامَةِ شَاكيَ الداءِ وَالعِـلَلِ
ما مَــرَّ في مَـلأ إلا وَقـالَ لَهُ مُرْ أُمَّـهً لَكَ فَلتَحتجِم وَتَمتَــثِلِ(1)
أخرج أحمد في المسند،والترمذي،وابن ماجة في السنن،والحاكم في المستدرك عن ابن عباس –رضي الله عنهما-،قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( ما مررتُ بملأ من الملائكة ليلةَ أسري بي إلاّ كلهم يقول لي : عليك يا محمد بالحجامة )) .
الحديث:حسنه الترمذي،وقال الحاكم : صحيح الإسناد،وقال الإمام الألباني في صحيح الترغيب (3/352) : صحيحٌ لغيره .
وأخرج الترمذي عن ابن مسعود -رضي الله عنه-،قال: حدَّث رسول الله صلى الله عليه و سلم عنْ ليلة أُسْري به أنَّه: ((لم يمرَّ بملأ من الملائكة إلا أمروه : أنْ مُرْ أمَّتكَ بالحجامة )).
وأخرجه ابن ماجة من حديث أنس رضي الله عنه.والحديث بمجموع طرقه يرقى إلى درجة الصحة،وانظر :السلسلة الصحيحة ( رقم:2264)،وصحيح الترغيب (3/352) .
ــــــــــــــ
1-انظر:آداب الأكل،للأقفهسي: (ص32) .
وهذا الأمرُ من الملائكة الكرام:إنما هو أمرٌ من الله جلَّ في علاه .
ومما يدل على ذلك:أمرهم جميعاً له صلى الله عليه و سلم وتقريره لذلك،وظاهر الخبر أنَّ الأمر من
الله تعالى،إلاَّ أنَّ الأمر هنا:للمبالغة والتأكيد، وليس للوجوب كما ذكـر ذلـك أهل العلم-رحمهم الله-(1) .
ثمَّ إنَّ في فعلِ الحجامة نوع تأسىٍ برسول الله صلى الله عليه و سلم .
قال شيخ الإسلام ابن تَيمية –رحمه الله-في مجموع الفتاوى (22/325) :
(…فالإقتداء به يكون تارة في نوع الفعل ،وتارة في جنسهِ، فإنه قد يفعل الفعل لمعنى يعمُّ ذلك النوع وغيره ،لا لمعنى يخصُّه، فيكون المشروع هو الأمر العام، مثال ذلك: احتجامه،فإن ذلك كان لحاجته إلى إخراج الدم الفاسد، ثم التأسي هل هو مخصوص بالحجامة، أو المقصود إخراج الدم على الوجه النافع ،ومعلوم أن التأسي هو المشروع ) .
وأيضاً فعل الحجامة ليس المقصود به حفظ الصحة الجسدية لا غير،بل للحجامة مقاصد إيمانية، منها:
تهذيب النفس،وكبح جماحها،وتطهيرها من أدرانها،وجعلها تسير خاضعةً لربها سبحانه جلَّ وعلا،وهذه المقاصد:مطلبٌ شرعيٌّ عظيمٌ كما لا يخفى ؟! .
____________________
1-انظر:تحفة الأحوذي: (6/176-177) .
قال المناوي-رحمه الله- في فيض القدير: (3/403و5/465):
( قال التوربشتي :ووجه مبالغة الملائكة فيها سوى ما عرفوا فيها من المنفعة التي تعود إلى الأبدان: أن الدَّم مركبٌ من القوى النفسانية الحائلة بين العبد وبين الترقي إلى ملكوت السماوات …،وبغلبته يزداد جماح النفس وصلابتها ،فإذا نزف الدم أورثها ذلك خضوعاً وخموداً ،وليناً ورقةً، وبذلك تنقطع الأدخنة الناشئة من النفس الأمارة ،وتنحسم مادتها، فتزداد البصيرة نوراً إلى نورها ).
ويؤيدُ ما تقدم تقريره من مقاصد الحجامة: ما ذكره الطبيب الفاضل محمد بن علي البار في حاشيته على الرسالة الذهبية في الطب النبوي للإمام علي الرضا-رحمه الله- قال –حفظه الله-
وقد ظهر في العصر الحديث أبحاث مفادها أن القمر عندما يكون بدراً،أي في الثالث عشر،والرابع عشر،والخامس عشر،يزداد التهيج العصبي،والتوتر النفسي إلى درجة بالغة.ويقول الدكتور ليبر عالم النفس بميامي في الولايات المتحدة:<إنَّ هناك علاقة قوية بين العدوان البشري والدورة القمرية،وخاصة بين مدمني الكحول والميَّالين إلى الحوادث ،وذوي النـزعات الإجرامية…(ويشرح نظريته قائلاً
إنَّ جسم الإنسان مثل سطح الأرض يتكون من 80 بالمائة من الماء،والباقي هو من المواد الصلبة(.ومن ثمَّ فهو يعتقد بأنَّ قوة الجاذبية القمرية التي تسبب المدَّ والجزر في البحار والمحيطات،تسبب أيضاً
هذا المدَّ في أجسامنا عندما يبلغ القمر أوج اكتماله في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.وهو نفسه ما عبر عنه القدماء بتهيج الأخلاط وتبيغ الدم.وكما يحدث المدُّ في البحر عند اكتمال البدر، يحدث هياج الدم وتبيغه في الجسم عند اكتمال القمر أي في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ) .
وما ذكره الطبيب هو ما أوصى به النبي صلى الله عليه و سلم في أقواله وأفعاله الشريفة من الإحتجام في النصف الآخر من الشهر ،ومن تلك الأحاديث،التي تقدم ذكرها عند حديثنا عن أوقات الحجامة :
1-(( إنَّ خيرَ ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة،ويوم تسع عشرة،ويوم إحدى وعشـرين )) .الحديث:صحيح لغيره.انظر:صحيح الترغيب: (3/352) .
2-(( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحتجم في الأخدعين والكاهل،وكان يحتجمُ لسبع عشرة ،وتسع عشرة،وإحدى وعشرين )) .
الحديث: حَسَنٌ .انظر:السلسلة الصحيحة: (رقم:908)صحيح الترغيب: (3/353) .
أقول:ما ذكـره طبيبنا الفاضلُ آنفاً :هو من باب الاستئناس لا غير.
فنحن معاشر المسلمين يكفينا ما قرَّرَه الشارع الكريم،إلاَّ أنَّ دينَ الإسلام لا يمنع من أخذ الحكمة والفائدة حيثُ وجِدَت ما لم تعارض الشرع ؟! (1) .
__________________
1-فائدة حديث
الكلمة الحكمة ضالة المؤمن ، فحيث وجدها فهو أحق بها ).
لا يثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم ،فاعتمادنا فيما ذُكرَ ليس على هذا الحديث ،وإنَّما هو بما ورد في عموم أدلة الشريعة كما لا يخفى على طالب العلم ؟! .
ومن فوائد الحجامة :
ما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم من حديث أنس-رضي الله عنه- قال:قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( إذا هاج بأحدكم الدم فليحتجم،فإنَّ الدَّمَ إذا تَبَيَّغَ بصاحبه قتله )) .
التبيغ:ثوران الدم،وتبيغ الدم:هاج وغلب .
وفي الهادي إلى لغة العرب:باغ الدم:ثار وهاج،كما يكون الحال عند من به ارتفاع في ضغط الدم(1).
قال الطبيب الفاضل:محمود ناظم النسيمي-رحمه الله-في كتابه الماتع: الطب النبوي والعلم الحديث (3/96)
تبيغ الدم:بمعنى زيادته،أو تهيجه،يحدث أكثر ما يحدث في ارتفاع التوتر الشرياني،وخاصة الأحمر منه،أي المترافق باحتقان الوجه،والملتحمتين والشفتين،واليدين والقدمين،كما يحدث في فرط الكريات الحمر الحقيقي الذي منه ما يكون ثانوياً لعلل مختلفة،ومنه ما يكون بدئياً،أي أساساً نادراً.
___________________
1- انظر:القامــوس المحيط،ولسان العرب،والنهاية في غريب الحديث،مــــادة: (بوغ ).والسلسلة الصحيحة : (6/562) .
ومن أسباب الثانوي:العلل القلبية الـخَـلْقِية مع الزرقة،وارتفاق التأمور،والتضيقات الرئوية التي تعيق التدمية،وتصلب الشريان الرئوي،والآفات الرئوية الليفية من منشأ إفرنجي،وفرط الكريات الحمر في الارتفاعات،وفرط الكريات الحمر السمي،وسل الطحال وكيسته المائية.
ولم تشخص تلك الأمراض قديماً،ولم تفرق عن بعضها،وإنما اكتفي بذكر العلامة السريرية المشتركة،وهي تبيغ الدم .
ومن الأعراض المشاهدة في فرط التوتر الشرياني ،وفي الأمراض التي يحدث فيها فرط الكريات الحمر الحقيقي:يذكر الصداع،وحس الامتلاء في الرأس،والدوار،وسرعة الانفعال،وقد تحدث اضطرابات بصرية.
ومن الأدوية المفيدة في تلك الأحوال: الفصادة والحجامة المبزغة(الدامية،الرطبة).
- فائدة الحجامة في علاج صداع الرأس :
ثبت في مسند الأمام أحمد وسنن أبي داود وغيرهما عن سلمى-رضي الله عنها- خادم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت
ما كان أحد يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وجعاً في رأسه إلاَّ قال: احتجم،ولا وجعاً في رجليه إلاَّ قال:أخضبهما بالحناء ) .
ثبت علمياً في الطب الحديث:
أنَّ معالجة أوجاع الرأس (-الصداع:Headache ) بواسطة الحجامة له تأثير حسنٌ في نوعين من الصداع،وهما:
1-الصداع الناجم عن ارتفاع التوتر الشرياني ،وهو صداع غالباً ما يكون صباحاً باكراً في مؤخرة الرأس،ويتحسَّن بالسيطرة على التوتر الشريانتي .
2-الصداع في مرض الشقيقة، وهي عبارة عن نوبات متكررة من الصداع الذي يكون وحيد الجانب في بدايته غالب الأمر.
وتترافق بحسّ غثيان وقياء،وتترافق باضطرابات حسيّة وحركية،أو اضطرابات في المزاج.
وأثبتت الدراسات :أنَّ الشقيقة تحدث بنسبة أكبر عند مرضى فرط التوتر الشرياني،كما أنَّ مرض فرط التوتر الشرياني يحدث هو الآخر بنسبة أكبر عند مرضى الشقيقة .
وكلا الصداعين:صداع وعائي المنشأ(1) .
________________________
ا-انظر:الطب النبوي والعلم الحديث : (3/98) والطب والشريعة،محمد خالد،والمعجم السريري لارتفاع التوتر الشرياني: (163) وعنهما: الطب النبوي في ضوء العلم الحديث،للدكتور غياث حسن : (2/152-153) .
- الحجامة في الرأس لمرض الشقيقة :
1-روى البخاري عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: ((احتجم النبي صلى الله عليه و سلم في رأسه وهو محرم،من وجع كان به،بماء يقال له:لحى جَمَلٍ)) .
وفي رواية عنه-رضي الله عنه-: ((أنَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم احتجم وهو محرم في رأسه، من شقيقة كانت به )) .
2-وعن عبد الله بن بحينة - رضي الله عنه-: ((أنَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم احتجم بلَحْيِ جَمَلٍ من طريق مكة،وهو محرم،في وسط رأسه )) أخرجه البخاري،ومسلم بدون ذكر: ((لحي جمل )) .
قوله: ((لحي جمل )) قال الحافظ في فتح الباري(4/51و10/152)
قوله:بلحى جمل بفتح اللام وحكى كسرها وسكون المهملة وبفتح الجيم والميم موضع بطريق مكة )) .
الشقيقة تقدم تعريفها آنفاً :
لاحظ الأطباء عند تطبيق الحجامة على المرضى الذين يعانون من مرض الشقيقة:أنَّ الألم يزول مباشرة،وتختفي نوبات الشقيقة بكلِّ مراحلها إطلاقاً .
ويقول الدكتور عبد المالك الشالاتي-أستاذ الأمراض الداخلية والعصبية بجامعة دمشق-
من الناحية العصـبية معلوم أنَّ الحجامة هي: سحب كمية من الدم،
وكذلك تنقية الدم،وتخفيف الاحتقان الدموي العام ،وبالتالي الدماغي.
فهي تفيد في حالات:الصداع الوعائي،الصداع التوتري:< الشقيقة > )(1) .
وقال الدكتور النسيمي-رحمه الله-: (وتُعلَّل فائدة الحجامة في وسط الرأس -أي بعيدة عن العروق الدموية الكبيرة - في تسكين الصداع الشقيقي،بحدوث انعكاسات على الأوعية الدمـاغية التي يؤدي انقباضها إلى حدوث ذلك الصداع )(2) .
-فائدة الحجامة في علاج التواء المفصل :
ثبت عند أبي داود في سنــنه،وغــيره من طريــق أبي الزبير عن جـابر-رضي الله عنه-: (( أن النبي صلى الله عليه و سلم احتجم على وركه من وثء كان به )) .
قوله على وركه:بفتح الواو وكسر الراء ،وفي القاموس: الورك بالفتح والكسر ككتف ما فوق الفخذ .
_____________________
1-انظر:صحيفة الرياض،العدد:(12127). وصحيفة عكاظ،عدد: (الخميس13/9/2002) ومنتدى الوئام على شبكة الإنترنت .
2-الطب النبوي والعلم الحديث: (3/99) .
وقوله من وثء : بفتح واو وسكون مثلثة آخره همزة،والعامة تقول بالياء ،وهو غلط،وهو:وهن،أو وجع يصيب اللحم ولا يبلغ العظم ،أو وجع يصيب العظم من غير كسر، أو هو الفك (1) .
وثبت في مسند الإمام أحمد،وسنن أبي داود،والنسائي عن أنس-رضي الله عنه-: (( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم احتجم وهو محرم،على ظهر القدم من وجع كان به )) .
وعند ابن ماجة من حديث جابر-رضي الله عنه-: (أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم سقط عن فرسه على جذع،فانفكت قدمه)قال وكيع يعني أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم احتجم عليها من وثء .
من فوائد الحجامة :أنها علاج فعَّال عندما يصاب الإنسان بالتواء المفصل العنيف.
وقد عرَّف الوثء َ، النسيمي بقوله
هو التواء المفصل منذ تمطط الرُّبط حتى انقطاعها ) (2) .
ــــــــــــــــ
1-انظر: القاموس المحيط ،وعون المعبود: (10/245)،وحاشية السندي على سنن النسائي: (5/193).
2-انظر: الطب النبوي : (3/100) .
-فائدة الحجامة في علاج الـخُراج :
وذلك بشرط الخراج، أي شقه ليخرج الصديد،ثم وضع المحجم لمص كافة محتوياته .
أخرج مسلم في صحيحه عن عاصم بن عمر بن قتادة -رحمه الله-قال:جاءنا جابر بن عبد الله-رضي الله عنه- في أهلنا ،ورجل يشتكي خُراجاً به- أو جراحاً- فقال: ما تشتكي ؟قال:خُراج بي قد شقَّ عليَّ، فقال:يا غلام ائتني بحجام ، فقال: له ما تصنع بالحجام يا أبا عبد الله؟ قال: أريد أن أعلق فيه محجماً، قال :والله إنَّ الذباب ليصيبني،أو يصيبني الثوب فيؤذيني،ويشق عليَّ،فلما رأى تبرمه من ذلك قال:إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ( إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شرطة محجم، أو شربة من عسل، أو لذعة بنار، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وما أحبُّ أنْ أكتوي، قال فجاء بحجام فشرطه فذهب عنه ما يجد ) .
قال القاضي عياض -رحمه الله- في شرحه على صحيح مسلم (7/113):
(فإنَّ هذا من البديع عند من علم صناعة الطب،وذلك أنَّ سائر الأمراض الامتلائية :إمَّا أن تكون دموية، أو صفراوية،أو سوداوية،أو بلغمية،فإنْ كانت دموية، فشفاؤها إخراج الدم … ) (1) .
ـــــــــــــــ
1-وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم : (14/192) والقانون لابن سيناء : (1/13-17) .
-الحجَـامة بـعـد التسـمم :
ذكر الإمام ابن القيم-رحمه الله- في الطب النبوي(ص97-98)عن موسى بن عقبة قال: ( معالجة السُّمِّ تكون بالاستفراغات ، وبالأدوية التي تُعارض فعل السمِّ وتبطله:إمَّا بكيفيَّتِها،وإمَّا بخواصها.
فمن عَدِمَ الدواء:فليبادر إلى الإستفراغ الكُلِّي.وأنفعه الحجامة لا سيَّمَا إذا كان البلد حارَّاً ،والزمانُ حارَّا ،فأنَّ القوة السُّميةَ تسري إلى الدم،فينبعث في العروق والمجاري حتى تصل إلى القلب،فيكون الهلاك.
فالدم هو المنفذ الموصل للسم إلى القلب والأعضاء .فإذا بادر المسموم وأخرج الدم:خرجت معه تلك الكيفية السُّمية التي خالطته.
فإن كان استفراغاً تاماً:لم يضره السم،بل إمَّا أن يذهب،وإمَّا أن يضعف فتقوى عليه الطبيعة،فتبطل فعله،أو تضعفه ) .
وأفاد الإمام الذهبي -رحمه الله-: أن الأفضل في علاج الملسوع،هو:أن يشق موضع اللسعة ويوضع عليها المحاجم،وتمص مصاً قوياً،ويجتهد أن يبقى الجرح مفتوحاً ليخرج منه تلك المادة الفاسدة … (1) .
ويقرُّ الطب الحديث بفائدة الحجامة في علاج بعض التسممات،ويوصي بنقل الدم بعد وجود التسمم (2) .
ـــــــــــــ
1-انظر:الطب النبوي،للذهبي: (ص262)والطب من الكتاب والسنة،لموفق الدين البغدادي: (ص214) والمنهل الروي في الطب النبوي،لابن طولون الدمشقي: (ص256).
2- الطب النبوي والعلم الحديث: (3/99) .
كان الحديث سابقاً:عن فوائد الحجامة تفصيلاً لبعض الأمراض المذكورة،وما سيُذكرُ هنا من الفوائد،إنَّما هو من باب التكميل،وعلى سبيل العموم.والمذكور:استمداده من كتابات متنوعة منقولة من الصحف،والمجلات ،ومواقع متنوعة على شبكة الإنترنت .
فريق طبي بريطاني أوفدته العائلة المالكة لدراسة الحجامة في سوريا:
(أذهل النجاح الذي حققه الأطباء السوريون في عمليات الحجامة الأوسـاطَ الطبية الغربية،الأمر الذي جعل الأطباء يتوافدون إلى دمشق لدراسة هذه الطريقة.وقالت إذاعة الـ B. B. C البريطانية:إنَّ السوريِّن تعودوا الذهاب إلى لندن بحثاً عن سبيلٍ لمعالجة أمراض يئسوا من شفائها،وإجراء الفحوصات الطبية ،والعمليات الجراحية المعقدة،وهذا أمر طبيعي حيث الطب متقدّم جداً في بريطانيا، ولكنْ المفاجئ هو:أن تعكس الأمور ويصبح توجه البريطانيين إلى دمشق.
وذكرت الإذاعة أن فريقاً طبياً وعلمياً بريطانياً قام بإجراء اتصالات وحوارات مع مجموعة من الأطباء السوريين لعلاج المرض الوراثي( الناعور أو الهيموفيليا)بعد أن أثبتت الحجامة نجاحها في شفاء عدد كبير من المرضى في سوريا من هذا الداء .
هذا وصرَّح عضو من الفريق الطبي السوري الذي اكتشف دور الحجامة في شفاء الحالات المرضية المستعصية،بأن الفريق الطبي يمثل العائلة المالكة في بريطانيا.
يذكر أن الفريق الطبي السوري الذي حقق اكتشاف الفوائد العلاجية للحجامة كان قد أعلن من شهرين عن نتائج دراساته التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات،توصل من خلالها إلى إثبات القيمة العلاجية الكبيرة للحجامة في الشفاء من الأمـــراض المستعصية،مثل السـرطان والروماتيزم والشلل النصفي والقلب )(1) .
[center]ضمن ندوة علمية طبية نظمتها صحيفة (الرياض)العدد(12127)بعنوان: